تتجه صناعة البناء والتطوير العقاري نحو تحول جوهري، حيث أصبحت الاستدامة ضرورة لا مفر منها. في ظل تطورات القوانين، وارتفاع تكاليف التشغيل، وتغير توقعات المستأجرين والمستثمرين، يجب على المطورين مواكبة الاتجاهات المستدامة في البناء لتقديم مشاريع تلبي معايير العصر الحديث وتحقق قيمة طويلة الأمد.
سواء كنت تبني مشروعًا جديدًا أو تقوم بتحديث مبنى قائم، فإن تبني الاتجاهات المستدامة في البناء يمكن أن يسهم في خفض التكاليف، وتحقيق الامتثال، وتعزيز السمعة المؤسسية في السوق.
في PlanRadar، نساعد المطورين على رقمنة عمليات التوثيق والمتابعة، وتبسيط تنفيذ المبادرات المستدامة على أرض الواقع. ونعرض لك هنا أبرز ثلاث اتجاهات يجب أن تكون على جدول أعمال كل مطور عقاري.
-
المواد الصديقة للبيئة والتصميمات الموفرة للطاقة
الخطوة الأولى نحو البناء المستدام تبدأ من المواد المستخدمة في التشييد. لم تعد المواد التقليدية مثل الأسمنت والصلب الخيار الوحيد، حيث أصبحت المواد البديلة الصديقة للبيئة أكثر رواجًا، ومنها:
- الخشب المعالج بتقنية CLT كبديل منخفض الكربون في الهياكل
- الفولاذ والخرسانة المعاد تدويرهما لتقليل الانبعاثات الناتجة عن الإنتاج
- مواد عزل طبيعية مثل القنب والصوف
- الدهانات منخفضة المركبات العضوية المتطايرة (VOC) لتحسين جودة الهواء الداخلي
أما من ناحية التصميم، فأصبحت الاستراتيجيات السلبية (Passive Design) شائعة، مثل توجيه المبنى لتحقيق أفضل تهوية وضوء طبيعي، وتقليل استخدام أنظمة التبريد والتدفئة.
كما أن استخدام الأنظمة الذكية مثل:
- أنظمة التكييف عالية الكفاءة
- الإضاءة المعتمدة على الحساسات
- أنظمة التظليل التلقائي
تساهم في خفض استهلاك الطاقة وتحسين تجربة المستخدم.
-
اللوائح الحكومية التي تدعم الاتجاهات المستدامة في البناء
لم تعد الحكومات تنتظر تحرك السوق؛ بل أصبحت تتدخل من خلال لوائح إلزامية وحوافز تشجيعية تدفع نحو اعتماد ممارسات مستدامة.
في منطقة الشرق الأوسط، يظهر هذا التحول بوضوح. فـ رؤية السعودية 2030 وضعت الاستدامة كأحد محاورها الأساسية، وتعمل حاليًا على تحديث القوانين وتقديم الدعم لمشاريع البناء الأخضر.
كما أصدرت بلدية دبي “لوائح ومواصفات البناء الأخضر“، والتي أصبحت إلزامية للمشاريع الحكومية منذ 2011، ولجميع المباني الجديدة في دبي منذ 2014.
تشمل الحوافز الحكومية:
- تخفيضات في الرسوم والضرائب للمباني المستدامة
- تسريع إجراءات التراخيص
- منح نقاط إضافية في تصنيفات المشاريع عند الالتزام بالمعايير البيئية
هذه الحوافز لا تساهم فقط في تحسين الأداء البيئي، بل تخلق أيضًا مزايا تنافسية تجارية للمطورين.
-
خطوات عملية لتطبيق ممارسات البناء المستدام
يمكن للمطورين اعتماد خطوات بسيطة وفعالة لتحقيق الاستدامة دون الحاجة إلى تغييرات جذرية. ومن أبرز هذه الخطوات:
أ) التحول الرقمي لضمان الامتثال
باستخدام أدوات مثل PlanRadar، يمكن توثيق استخدام المواد الصديقة للبيئة، وتتبع الأداء الحراري، وضمان الامتثال للوائح، كل ذلك ضمن منصة رقمية واحدة. وهذا يسهل إعداد تقارير الامتثال والتدقيق لاحقًا.
ب) التفكير القائم على دورة حياة المبنى
لا تقتصر الاستدامة على مرحلة البناء فقط. باستخدام أدوات تحليل دورة الحياة (LCA)، يمكن للمطورين مقارنة التأثير البيئي للمواد والأنظمة، مما يساعد على اتخاذ قرارات أكثر ذكاءً في مراحل التصميم المبكر.
ج) تحسين التنسيق بين الفرق
يتطلب نجاح أي مبادرة استدامة تعاونًا بين فرق العمل المختلفة. باستخدام PlanRadar، يمكن تعيين المهام، تحميل الصور، وتتبع مراحل الإنجاز بشكل فوري، ما يعزز الكفاءة ويمنع الهدر.
د) بدء إجراءات الحصول على الشهادات من البداية
الخطأ الشائع هو الانتظار حتى نهاية المشروع للبدء في إجراءات الحصول على شهادة LEED أو BREEAM أو استدامة. الأفضل دمج هذه المتطلبات من المراحل الأولى لضمان تنفيذ أكثر سلاسة وتقليل إعادة العمل.
الخلاصة: الاستدامة أصبحت ضرورة تجارية واستراتيجية
لم تعد الاتجاهات المستدامة في البناء مجرد توجه بيئي أو ميزة تنافسية مؤقتة، بل أصبحت عنصرًا جوهريًا في استراتيجية التطوير العقاري الناجح. في ظل ازدياد الوعي المجتمعي والضغوط التنظيمية، أصبحت الاستدامة معيارًا يُنظر إليه بعين الاعتبار من قبل المستثمرين، الجهات التنظيمية، والمستأجرين على حد سواء.
فوائد الاستثمار في المباني المستدامة لم تعد نظرية، بل أثبتتها الدراسات والمشاريع على أرض الواقع، حيث توفر هذه المباني:
- تكاليف تشغيل أقل نتيجة كفاءة استهلاك الطاقة والمياه، وتقليل الاعتماد على أنظمة الصيانة التقليدية.
- قيمة سوقية أعلى، حيث يُفضلها المشترون والمستأجرون الباحثون عن بيئة صحية ومستقرة من الناحية المالية والبيئية.
- رضا أكبر من المستأجرين بفضل جودة الهواء الداخلي، الإضاءة الطبيعية، والراحة الحرارية المحسّنة.
- سهولة الامتثال للتشريعات المتغيرة، مما يجنّب المطورين الغرامات أو التعديلات المكلفة لاحقًا.
- جاذبية أكبر للمستثمرين وصناديق التمويل التي أصبحت تعتمد معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية (ESG) في قراراتها.
وفي PlanRadar، نحن ندرك أن التحدي الأكبر أمام الاستدامة هو دمجها بسلاسة داخل عمليات التطوير اليومية. لذلك نوفر منصة رقمية مرنة تساعد فرق العمل على:
- توثيق وتتبع استخدام المواد المستدامة
- مراقبة مؤشرات الأداء البيئي في الوقت الفعلي
- تعزيز التعاون بين الفرق والمقاولين والمستشارين
- إعداد تقارير الامتثال البيئي والشهادات (LEED، BREEAM، استدامة وغيرها) بسهولة
بفضل هذا النهج، يتمكن المطورون من إدارة مشاريعهم بكفاءة أعلى، وتحقيق أهداف الاستدامة دون التأثير على الميزانية أو الجداول الزمنية. المستقبل يتجه نحو المباني الذكية والمستدامة، والآن هو الوقت المناسب لتكون في طليعة هذا التحول.