في بيئة البناء التنافسية في دول الخليج، أصبحت ضمان ومراقبة الجودة في البناء من العوامل الأساسية لنجاح أي مشروع.
ففي الإمارات والسعودية وقطر والكويت وسلطنة عمان والبحرين، يدرك قادة القطاع أن الجودة لم تعد مجرّد إجراء إداري بل أداة مباشرة لتحقيق الربحية والحفاظ على سمعة الشركة أمام العملاء والمستثمرين.
لكن التحدي لا يزال قائمًا: غياب الاتساق في تطبيق معايير الجودة بين المواقع والمقاولين من الباطن، وهو ما يجعل جودة المشاريع متفاوتة من موقع إلى آخر.
ويؤكد تقرير PlanRadar لتأثير ضمان ومراقبة الجودة في البناء، الذي استند إلى آراء أكثر من 800 متخصص عالميًا، أن أكثر من 70٪ من الشركات تبدأ عمليات الجودة منذ اليوم الأول من البناء، إلا أن 77٪ منها تواجه تفاوتًا في التطبيق والتوثيق، مما يؤدي إلى خسائر في الوقت والتكاليف.
البداية المبكرة لا تكفي
يرى معظم المقاولين في المنطقة أن ضمان الجودة يبدأ منذ أول يوم في المشروع، إلا أن البيانات توضح أن التوقيت وحده لا يكفي.
فالنتائج الأفضل تتحقق فقط عندما تكون عمليات الجودة منظمة ومطبقة بشكل موحّد على جميع الفرق والمقاولين. غياب هذا الاتساق يؤدي إلى ضعف التوثيق، وتفاوت في إجراءات التفتيش، وتأخيرات في الموافقات النهائية.
وفي المشاريع الكبرى مثل «رؤية السعودية 2030» أو مشاريع البنية التحتية في الإمارات، يمكن أن تتسبب هذه الثغرات في تأخيرات باهظة وتراجع هوامش الربح بشكل واضح.
تكاليف خفية بسبب ضعف الاتساق
يُظهر التقرير بوضوح أن عمليات ضمان ومراقبة الجودة في البناء تؤثر بشكل مباشر على ربحية المشاريع.
فالشركات التي تطبّق معايير متسقة في ضمان ومراقبة الجودة تكون أكثر احتمالًا بنسبة 28٪ لتحقيق هوامش ربح تتجاوز 3٪، بينما تواجه الشركات التي لا تعتمد معايير واضحة مخاطر ضمان أعلى بنسبة 50٪ وخلافات مع المقاولين بنسبة 23٪ أكثر.
والمثير للقلق أن ما يقارب نصف الشركات التي لا تطبّق معايير واضحة لا تملك أي رؤية حول تكاليف إعادة العمل. في المقابل، تتمكّن شركتان من كل ثلاث شركات تعتمد عمليات ضمان ومراقبة الجودة في البناء المتسقة من إبقاء تكاليف إعادة العمل أقل من 5٪ من ميزانية المشروع.
تشير الدراسات العالمية إلى أن ضعف الجودة يمكن أن يضيف ما بين 15٪ و25٪ إلى تكلفة المشروع، وفقًا لدراسة من AuditCo، كما توضح منصة Autodesk Construction Cloud أن أكثر من 60٪ من المقاولين حول العالم يرون أن ضعف ضمان ومراقبة الجودة يؤثر سلبًا على الأرباح.
تأثيرات متتالية على الجدول الزمني والعلاقات
عندما تفشل عمليات ضمان ومراقبة الجودة في البناء، تمتد التأثيرات إلى الجداول الزمنية والتكاليف والعلاقات مع العملاء.
يُظهر التقرير أن ثلثي الشركات (67٪) عانت من تأخيرات في المشاريع بسبب ضعف الجودة، وأكثر من نصفها تأخرت لمدة تزيد على أسبوعين، فيما امتدت التأخيرات لدى ربع الشركات إلى أكثر من شهر.
هذه التأخيرات تؤدي إلى:
- زيادة تكاليف العمالة والعمل الإضافي — حيث تواجه 76٪ من الشركات ارتفاعًا في المصاريف لتعويض الوقت المفقود.
- توتر العلاقات مع العملاء — أبلغت 50٪ من الشركات عن تراجع الثقة بسبب التأخيرات المرتبطة بالجودة.
- غرامات تعاقدية — تعرّضت 32٪ لغرامات مالية نتيجة التأخير في التسليم.
في سوق ترتبط فيه المواعيد النهائية بمشاريع وطنية ضخمة، يصبح ضعف عمليات ضمان ومراقبة الجودة في البناء خطرًا تجاريًا حقيقيًا.
لماذا يستمر ضعف الاتساق؟
إذا كانت أهمية عمليات ضمان ومراقبة الجودة في البناء واضحة، فلماذا لا تزال المشكلة قائمة؟
يشير التقرير إلى ثلاثة أسباب رئيسية:
- تجزئة إدارة المقاولين من الباطن — إذ يستخدم كل مقاول نظامًا مختلفًا لضمان الجودة.
- غياب الأدوات الرقمية الموحّدة — فحوالي 28٪ فقط من الشركات تستخدم منصة رقمية موحّدة لإدارة ضمان ومراقبة الجودة.
- ضعف الالتزام بالتطبيق — 45٪ من الشركات تقول إنها “تطبّق” المعايير، ولكن 65٪ منها تعترف بوجود تفاوت فعلي في التطبيق.
وبحسب PlanRadar GCC Insights 2025، تخطّط 60٪ من شركات المنطقة لتوسيع استخدام الأدوات الرقمية لتحسين عمليات ضمان ومراقبة الجودة في البناء بحلول عام 2026 — مما يثبت أن التكنولوجيا أصبحت عاملًا حاسمًا للاتساق والجودة.
تحويل ضمان ومراقبة الجودة إلى إستراتيجية ربحية
يؤكد التقرير أن عمليات ضمان ومراقبة الجودة في البناء ليست مجرد إجراء امتثال، بل هي محرك أساسي للربحية.
فأكثر من 78٪ من الشركات ترى أن تحسين عمليات الجودة يرفع الأرباح، بينما أبلغ أكثر من ثلثها عن نتائج مالية ملموسة بعد تطبيق أنظمة رقمية موحّدة.
يمكن لقادة القطاع في دول الخليج تحقيق ذلك من خلال:
- وضع معيار موحّد يربط جميع المقاولين والفرق بمستوى واحد من الجودة.
- رقمنة العمليات لتوثيق كل عملية تفتيش أو ملاحظة بشكل فوري.
- قياس الأداء باستخدام مؤشرات الجودة مثل معدلات العيوب وتكاليف إعادة العمل، كما توصي PlanRadar.
بهذه الطريقة، تتحول عمليات ضمان ومراقبة الجودة في البناء إلى أداة إستراتيجية تحمي الأرباح وتحد من المخاطر وتزيد من الشفافية.
الطريق إلى الأمام لروّاد البناء في الخليج
مع استمرار النمو العمراني الكبير في المنطقة، ستصبح عمليات ضمان ومراقبة الجودة في البناء أكثر أهمية من أي وقت مضى.
إن تبنّي معيار موحّد مدعوم بالبنية الرقمية المناسبة سيمنح الشركات رؤية شاملة للأداء وتحكمًا في الجودة من التخطيط وحتى التسليم.
وعندما تصبح الجودة ثقافة مؤسسية وليس مجرد إجراء تقني، يمكن للشركات تقليل النزاعات، وخفض التكاليف، وتعزيز ثقة العملاء وتحقيق نتائج أكثر استدامة.
حمّل تقرير PlanRadar الكامل حول تأثير عمليات ضمان ومراقبة الجودة في البناء
اكتشف كيف تساعد المعايير الموحّدة الشركات في دول الخليج على تحسين الأرباح وتقليل إعادة العمل وضمان جودة المشاريع.
