لماذا يعتبر إنترنت الأشياء في قطاع البناء أداة محورية لتحسين الرقابة، الأمان، واتخاذ القرار في المواقع
يشهد قطاع البناء تحوّلاً رقمياً متسارعاً يعيد صياغة طريقة تنفيذ وإدارة المشاريع. وفي قلب هذا التحوّل، يبرز إنترنت الأشياء في قطاع البناء كأحد أبرز الابتكارات التقنية القادرة على تعزيز الكفاءة، وتقليل الأخطاء، وتحقيق رؤية متكاملة عن المشروع من لحظة انطلاقه وحتى تسليمه.
إنترنت الأشياء لم يعد مجرد مفهوم نظري. هو الآن واقع عملي يتم تطبيقه على أرض الواقع. ووفقًا لتقرير MarketsandMarkets، من المتوقع أن ينمو سوق إنترنت الأشياء في البناء من 11 مليار دولار أمريكي في عام 2021 إلى 26.5 مليار دولار بحلول عام 2027، مدفوعًا بالحاجة إلى الأتمتة، السلامة، والمراقبة اللحظية في المشاريع الإنشائية.
ما هو إنترنت الأشياء في قطاع البناء؟
يشير إنترنت الأشياء (IoT) إلى استخدام أجهزة ومُستشعرات ذكية متصلة بشبكات رقمية لجمع وتحليل البيانات من البيئة المحيطة. في البناء، يشمل ذلك تركيب مستشعرات في المعدات، المواد، أو حتى معدات السلامة الشخصية، والتي ترسل بيانات فورية إلى منصات مركزية.
هذه البيانات تتيح لمهندسي ومديري المشاريع متابعة الأداء، التنبؤ بالمشكلات، واتخاذ قرارات تستند إلى وقائع لحظية، بدلاً من التقديرات أو التقارير الورقية المتأخرة.
المراقبة اللحظية باستخدام إنترنت الأشياء
توفر المستشعرات الذكية أدوات مراقبة دقيقة لكل ركن في الموقع:
- مستشعرات بيئية: تقيس الحرارة، الرطوبة، جودة الهواء، والضوضاء.
- تتبع المعدات: باستخدام RFID أو GPS لتحديد موقع الأدوات الثقيلة ومنع سرقتها أو سوء استخدامها.
- الأجهزة القابلة للارتداء: مثل الخوذ الذكية التي تتابع موقع العامل وحالته الجسدية.
هذه البيانات تُرسل تلقائيًا إلى منصات رقمية توفّر لوحة تحكم لحظية، ما يسمح باتخاذ إجراءات فورية، مثل إعادة توزيع الموارد أو التعامل مع المخاطر فوراً.
اتخاذ قرارات قائمة على البيانات بفضل إنترنت الأشياء
واحدة من أقوى مزايا إنترنت الأشياء هي توفير رؤية تحليلية شاملة تُغيّر طريقة اتخاذ القرار. البيانات لم تعد مجرّد أرقام، بل أصبحت أداة استراتيجية لتحسين الأداء وتقليل المخاطر.
تحليل الأداء والإنتاجية
من خلال مراقبة زمن تنفيذ المهام، عدد الأخطاء، ومعدلات الإنجاز، يستطيع مديرو المشاريع تحديد الفرق أو المقاولين الذين يعملون بكفاءة أعلى، وتكرار هذه النتائج في مواقع أخرى. كما يمكن مقارنة الأداء بين مواقع متعددة ضمن نفس الشركة، مما يخلق مقياساً مرجعياً Benchmark لقياس النجاح.
الصيانة التنبؤية وتقليل الأعطال
تقوم المستشعرات المزروعة في الآلات والمعدات الثقيلة بتحليل سلوكها، مثل درجات الحرارة، معدل الاهتزاز، وساعات العمل. عند ظهور أي مؤشرات على خلل وشيك، يتم تنبيه فرق الصيانة تلقائياً قبل حدوث العطل.
وفقًا لتقرير McKinsey & Company، يمكن أن تساعد هذه الصيانة التنبؤية في خفض التكاليف بنسبة تصل إلى 20% وتقليل التوقفات غير المخطط لها بنسبة 30%.
ضبط التكاليف بدقة أكبر
تسمح البيانات اللحظية بمراقبة استهلاك الموارد، مثل كمية الخرسانة المصبوبة أو استخدام المواد الأخرى، مما يساهم في منع الهدر وضمان الالتزام بالميزانية. كما تسهم في اكتشاف التباينات المبكرة بين التخطيط والتنفيذ.
دعم التخطيط الاستراتيجي طويل الأمد
من خلال دمج بيانات الأداء والتكلفة من مشاريع مختلفة، يمكن للإدارة العليا اتخاذ قرارات مدروسة بشأن التوسعات المستقبلية، اختيار الشركاء، أو حتى تعديل استراتيجيات العمل بناءً على نتائج واقعية.
تحسين السلامة في مواقع البناء
السلامة المهنية عنصر بالغ الأهمية. تشير منظمة العمل الدولية إلى أن قطاع البناء مسؤول عن 20% من الوفيات المهنية على مستوى العالم، مما يعكس الحاجة العاجلة إلى تحسين أنظمة الحماية.
كيف يساهم إنترنت الأشياء في ذلك؟
- أنظمة إنذار لحظية: تنبه الفرق عند حدوث سقوط أو اقتراب عامل من منطقة خطرة.
- قياس جودة الهواء والغبار: للحماية من الأمراض التنفسية.
- متابعة التعب والإجهاد: عبر أجهزة قابلة للارتداء تقيس العلامات الحيوية للعاملين.
النتيجة هي مواقع أكثر أمانًا، واستجابة أسرع، وتقليل للحوادث التي قد توقف المشروع أو تؤثر على سمعته.
خطوات عملية لتطبيق إنترنت الأشياء في المشاريع
لتحقيق أقصى استفادة من هذه التقنية، يجب اتباع نهج منظم:
-
تحليل التحديات الحالية: هل المشكلة في تأخر التوريد؟ أم في فقدان المعدات؟ حدد النقاط الحرجة.
-
تجربة أولية صغيرة: في مشروع تجريبي لمراقبة النتائج والتحديات.
-
اختيار منصة مرنة وقابلة للتوسيع: تدعم مشاريع متعددة في مواقع مختلفة.
-
توفير الاتصال المناسب: سواء عبر Wi-Fi، أو 4G، أو حلول شبكية خاصة.
-
تدريب الفرق على استخدام الأدوات: لضمان فهم الفوائد وتسريع التبني.
الميزة التنافسية في اعتماد إنترنت الأشياء
الشركات التي تبنّت تقنيات إنترنت الأشياء باتت قادرة على:
- تنفيذ المشاريع في وقت أقل
- تقديم تقارير دقيقة للعملاء
- خفض التكاليف
- تعزيز السمعة السوقية كمؤسسة حديثة تعتمد على التكنولوجيا
ومع اشتداد المنافسة، تصبح هذه الميزات فارقاً أساسياً في الفوز بالعقود والمشاريع الكبرى.
الخاتمة: المستقبل الذكي يبدأ اليوم
إنترنت الأشياء ليس ترفاً رقمياً، بل ضرورة تشغيلية في قطاع البناء الحديث. فهو يمكّن المؤسسات من العمل بكفاءة أعلى، تقليل الأخطاء، وتعزيز سلامة العاملين. من المراقبة اللحظية إلى دعم القرار الاستراتيجي، يضع إنترنت الأشياء بين يديك أدوات بناء المستقبل.
هل ترغب في اكتشاف كيف يمكن لتقنيات إنترنت الأشياء أن تُحدث فرقاً في مشاريعك؟
ابدأ رحلتك نحو الرقمنة في مواقع البناء مع PlanRadar.